على الرغم من أن الإقتصاد ما زال مستقراً في بعض البلدان المتفرقة مقارنة ببعض الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة إذ أن نسبة إرتفاع البطالة ما زال نسبياً على درجة منخفضة لكننا نرى غيوم هذه العاصفة بدأت تلوح من بعيد مقتربة نحو الجميع أكثر فأكثر. وبما أننا نعيش اليوم في عالم مترابط على كل مستويات المعيشة نجد أنها ليست إلا مسألة وقت قبل أن نشعر نحن هنا بتأثير الصدمات لما يحصل في العالم من حولنا وهذه بعض العلامات التي تشير إلى هذا:
· واحد من كل ثلاثة أطفال يعيشون في فقر
· الفارق بين طبقات المجتمع والمستوى المعيشي في تباعد متزايد لدرجة أن الطبقة الوسطى أخذت تتلاشي من المجتمع.
· أسعار السكن الباهظة جعلت إمكانية إيجاد سكن بسعر معقول حلم بعيد المنال.
· بالرغم من أن الناس يعملون بجد ولكن ما يزالوا غير قادرين على توفير الحاجات الضرورية للمعيشة.
· النظام الصحي في حالة تدهور.
· العنف الذي يتجاوز حده في المدارس.
· الإستهتار بمسألة الأمن الشخصي للإنسان.
· تسرب الأفكار المتطرفة إلى المجتمع والتي تجلب معها الكراهية بين أفراده.
· تبدو أن الأمور السياسية في عالق لا مخرج منه ولا يوجد أي حل لها في الأفق.
هل هذه هي معالم البلد الذي تحلم في العيش فيه ؟ طبعاً لا. فلا عجب من أن الأغلبية يشعرون بأن الصورة المثالية للعيش هنا أصبحت تتسرب من يدنا إذ أصبح هذا ظاهراً في الرغبة عند البعض في الهجرة للبحث عن مكان آخر للعيش.
من الطبع أننا واجهنا مشاكل متعددة في غضون الستون سنة الماضية ولكن كان الحل دائماً في حوزتنا وأما الآن فالوضع مختلف إذ أننا قد فقدنا الوحدوية التي كانت تجمعنا معاً للتصدي والوقوف أمام هذا الهواجس التي تسود كل بلد في يومنا هذا.
فما هو الحل إذاً وما الذي نستطيع عمله؟
لقد حاولنا بناء مجتمع على المبادئ الإشتراكية وجدنا بأنها غير نافعة, ووجدنا بأن الرأسمالية جلبت معها تفاوتات شاسعة مما ولّد الشعور في الإعتزال بين أفراد المجتمع الواحد فبالرغم من أن الإحصاءات الوطنية تبدو بدرجة ممتازة ولكن الوضع الشخصي لكل منا أصبح عسيراً فكل حكومةٍ الواحدة تلو الأخرى تبؤ بالفشل في محاولتها في تحقيق السلام والأمن لمواطنيها. فما هو الحل إذاً؟
التغيير الجذري
كل الدلائل تشير إلى أن أساس المشكلة هو في الإنفصام والتفرقة بيننا وفي اللامباة التي يظهرها كل إنسان منا تجاه الآخرين في طريقة تعاملنا معهم. هذا هو جذر المشكلة التي نعاني منها اليوم وإذا قمنا بتركيز جهودنا لمعالجة هذه الظاهرة نستطيع التغلب على جميع المشاكل التي تم ذكرها مسبقاً وبناء مجتمع ناجح يسوده الأمن والطمأنينة لجميع اللذين يعيشون فيه وعلى كافة أصعدة الحياة. فإنَّ عدم الثقة والعزلة بين أفراد المجتمع الواحد أدى إلى وجود مجتمع قائم على تعاظم الأنانية عند الفرد على حساب الآخرين من أبناء جنسه وأما اليوم فإن الوضع مختلف ويجب علينا التغيير.
مبادئ التعاون الشامل مبادئ شُكلت لهدف هذا التغيير الجذري ومعالجة جذور المشاكل التي يواجهها أبناء مجتمعناالإنساني اليوم. هذه المبادئ لاا تتعامل في محاولات تنفيذ إصلاحات إجتماعية جديدة بل تعمل على توفير حاجات المعيشة الضرورية للمواطن من المأوى الملائم وتوفير التعليم اللازم لتأهيل الفرد لتكون فرص العمل أمامه مفتوحة ولتأمين الحقوق الأساسية لكل مواطن.
التعاون الشامل يقوم بتزويد المجتمع بقيم وفعالية الترابط المتماسك بين أفراد المجتمع الواحد كما في العائلة الواحدة وتحقيق النمو الإجتماعي إذ هو الحل الوحيد الذي تكمُن فيه القدرة في إحراز العيش الكريم في مجتمع آمنٍ وبخلاف ذلك سيعمل كل قطاع على إنتظار الفرصة التي تسنح له في إستغلال الآخرين وتكون العاقبة أسوء بكثير مما عليه الوضع الآن.
بعد العمل على ترسيخ المبادئ الأساسية لبنية المجتمع الصحيح وفي مرحلة أكثر تقدماً نعمل على تركيز مجهودنا في العمل على بناء وتنظيم أسلوب تعليم جديد لجميع أبناء المجتمع بكافة الأعمار. فإن مراحل بناء نظام تعليم جديد يهدف إلى زيادة أهمية المسؤولية المتبادلة بين أفراد المجتمع وبناء القيم العامة الصحيحة فيه. وبهذا الأسلوب نحن نتعهد إعادة بناء روح المجتمع الذي وضِع أساسه على مبدأ أخذ الآخرين بعين الإعتبار مع الرعاية والمساوة في رباط التعاون والمسؤولية المشتركة لكل فرد نحو أبناء مجتمعه.
فقد حان الوقت الآن لوضع جهودنا معاً في إطار واحد لنأتي بمجتمعنا إلى مستوى تفكير جديد وحياة جديدة. رجال ونساء, اليمينين واليساريين , رجال الدين والعامة, العرب واليهود, الغني والفقير , معاً نستطيع بناء مجتمع إنساني متماسك في قيمِه ومزدهر يسوده الأمن لنا ولأطفالنا ولنكون مثال المجتمع الصحيح للعالم أجمع.
من هذا المنطلق نحن نتقدم بعروض وإقتراحات في كل ناحية من بنية المجتمع.