إنَّ إنهمار المطر له طعم مختلف ويبعث في النفس إحساساً مشرقاُ ينبع بالخير والدفء ويملءُ السدود والبحيرات لتفيض بالماء العذب مُنظفاً الساحات والطرقات من الغبار والأوساخ مودياً بالقذارة منعشاً العشب ليفوح بعطرالحياة.
لقد أخذ مؤخراً شعوراً ينتاب الجميع في لو أن يأتي أحد ما لينظيف الفساد والكذب والإدعاء كما ينظف المطر الشوارع وليجلب الأمل للناس في بناء مجتمع جديد وصالح. ولكن للسعي وراء حلم كهذا يجب أولاً العودة للنظر في أمور وأحداث السنة التي مضت وإمعان النظر فيها وفي جميع الإنجازات والأحداث التي مررنا بها أكانت سلبية أم إيجابية في تأثيرها الذي خلفته على المجتمع.
إن ليلة رأس السنة هي الوقت المناسب لوقفة الإنسان مع نفسه. فمن الأحداث التي وقعت هذه السنة والتي تركت أثراً في مذكرتنا أحداث وخسائر على مختلف أصعدة الحياة , أحداث كثيرة لا يسعنا ذكرها هنا. ولكن هناك حدث ظهر في هذه السنة والذي سيبقى ذكره دائماً في تاريخ أمتنا الفتية وهو التظاهرات الإجتماعية والتي طرحت السؤال الذي يدور في تفكير كل شخص وهو سؤال سبب غلاء المعيشة هنا. وسؤال فقدان الثقة في مختلف الأنظمة الإقتصادية والإجتماعية, والسؤال عنما يحصل في نظام التربية والتعليم والأهم من كل هذه هو السؤال عن سبب تلاشي الأمل وضياع أحلام المستقبل. ففي الإحصائيات التي أجريت مؤخراً ٩٠٪ من السكان يطالبون بالعدالة الإجتماعية وإن دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على الحاجة الماسة في قلب كل إنسان في الإرتباط مع الآخرين من أبناء مجتمعه وهذا ليس لأن الإرتباط مع الآخرين يجعل الحياة أكثر سلاسة ولكن هذا الإحساس يُظهر لنا حاجة الإنسان للآخرين ويظهرعدم قدرة الإنسان على العيش منفصلاً ووحيداً وهذا أمر حقيقته راسخة في نفس كل منا وواقع ذو بصمة في أعماق كل نفس إذ أن الجميع يرغبون في العيش في مجتمع مبني على مبادىء العدالة الإجتماعية.
ولكن كيف علينا أن نحقق حلماً كهذا وكيف بإستطاعتنا تأمين شعور الثقة والأمان لجميع الأطفال اللذين يعيشون في فقرٍ ولا تتوفر لديهم ضروريات وحاجات الحياة الأساسية واللازمة وكيف نستطيع مُساعدتهم ومساعدة الجميع. حلم كهذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق التعاون المتبادل والذي يتبلور في المسؤولية المشتركة لكل شخص تجاه أفراد مجتمعه فإن الإرتباط اللذي يخلقه التعاون المتبادل بين أفراد المُجتمع كمثال علاقة الترابط بين أفراد الأسرة الواحدة, فالأسرة تهتم بمتطلبات كل فرد فيها وكل فرد فيها يعمل لصالح الأسرة.
محاولتنا الإجابة على كل هذه التساؤولات المعقدة كان هدفنا من إنشأ هذه الصفحة. فقد أجرينا عدة مقابلات صحفية مع أفراد من فئات متنوعة من مجتمعنا من جنسيات وأعراق وديانات مختلفة إلى أصحاب النفوذ والتجار إلى أولئك الحرفين والأخصائيين في مجالات العلم والتعليم والثقافة في محاولتنا نشر مقالات لمجلة التعاون المُتبادل وكان الجميع ذو فكر منفتح مُرحبين في مشاركة آرائهم ورغبتهم في المساهمة في بناء مجتمع يسوده التعاون المتبادل وفعالية دور كل فرد فيه في بنا هذا المجتمع من خلال المسؤولية المشتركة .
مع كل شروق شمس تحمل لنا بداية يوم جديد, وفي كل يوم جديد تولد فرصة ممتازة لبداية جديدة للشروع في بناء مجتمع جديد يسوده الوئام والأمل ولكن نعلم أن ليأخذ التغيير مجراه يجب أن نكون معاً في وحدوية ومحبة اخوية ونيَّة واحدة في الإهتمام الصادق نحو الآخرين لبناء مجتمع جديد ليأخذ طابع الأسرة الواحدة في تركيبته في إهتمام كل واحد بالآخرين في محبة وإحترام متبادل.
الفرصة اليوم متوفرة امامنا ونحن نستطيع أن نجعل من هذه الفرصة بداية لمجتمع جديد نبنيه على أساس العدالة الإجتماعية القائمة على مبدأ الصالح العام ليكن مكاناً لنا ولأولادنا لنعيش فيه بحرية وسلام . نحن نأمل في أن تكون هذه الصفحات مفيدةً ومصدر أمل لكل من يقرأها كما وأننا نفتح المجال واسعاً أمام كل من يرغب في التجاوب معنا في ضم رغباتنا معاً لتوجيه مجتمعنا الإنساني نحو مستقبل زاهر يعمُّه المحبة والسلام للجميع.
مجلس وزارة التربية والتعليم