لقد ورد عالم الكابالا هذا سؤال عن طبيعة وجوهر الأغنية وما علاقتها بالتقدم الروحي للإنسان.
هل تعتبر أنَّ الأغنية هي بمثابة إستيقاظ وعي وإدراك الإنسان نحو العالم الروحي؟ هل أنَّ إندماج اللحن والكلمة يُعتبر صلاة ومناجاة الإنسان لخالقه؟
إنَّ طبيعة اللحن وتركيبة النغمات عمل شبيه إلى حد ما من طبيعة مراحل التصحيح التي يمر بها الإنسان في إرتقائه درجات العالم الروحي. كصراع الإنسان في تصادم الظاهرتين المتعاكستين فيه حب الذات وحب العطاء إلى أن يصل إلى بناء الخط الوسط في إيجاد التوازن ليصل إلى السعادة الحقيقية كذلك النغمة. فاللحن ليس إلاَّ تضارب الإشارات الموسيقيّة معاً إذ كل واحدة تتميزُ برنينها المختلف ومدى إمتداد صداها وكيفية تصادمها أو إندماجها مع النغمات الأخرى ومن دون هذا التفاوت في الصفات لكُنا قد حصلنا على ضجيج مزعج بدلاً عن الموسيقة المتناغمة أكانت صاخبة أم عذبة.
وهنا نتساءل عن سبب وجود بعض أنوع من الألحان أو النغمات التي توقظ فينا إحساس من الإنسجام وتوقظ فينا المشاعر ولماذا يوجد هناك نوع خاص من سياق النغمات المختلفة قادر وفجأة على إيقاظ مشاعر الحزن أو الفرح لدينا؟ نحن نعلم أنّ الصوت هو عبارة عن موجات متواترة في الهواء والتي تؤثر على حاسة السمع عند الإنسان وبالتحديد على طبلة الأذن لديه ولكن ما هي هذه التقنية التي تُحدث بدورها هذا الفعل الآلي والذي ينشأ عنه ردة فعل كهربائية تؤثر على التركيبة الكيماوية لخلايا الدماغ لتولد المشاعر التي تتوافق مع طبيعة النغم علماً بأن النغم في حد ذاته لا يحتوي على أي إحساس ولكنه قادر على أن يوقظ الأحاسيس فينا.
كيف يكون بإمكان صاحب اللحن نقل الأحاسيس لنا من خلال هذا الفعل الآلي من تضارب النغمات الموسيقية والذي تخترق وتؤثر على الإحساس والمشاعر لدى الإنسان ؟ هنا نجد أن المرحلة معقدة نوعاً ما. لتحويل فعل ميكانيكي للحصول على نتيجة كهذه يكون ممكناً من خلال شيء واحد فقط وهوالتفاوت والتباين بين الإشارات الموسيقية معاً من ناحية درجة صوت ومدى وعمق كل منها وإندماجها معاً أي أنها تحتوي على النوعية نفسها التي نجدها في عملية التصحيح التي يمر بها الإنسان في عمله في منهج الخطوط الثلاثة " اليمن ويُمثل حب العطاء, اليسار ويُمثل حب الذات والخط الوسط والذي يجمع فيه هاتين الرغبتين المختلفتين تماماً. لسيت هي عملية ربط الرغبتين المتعاكستين أو شملهما معاً لا ولكن هنا يحتاج الإنسان إلى النور الأعلى ليمنحه القدرة على معرفة وفهم المتضاد والمعاكس والجمع بينهما.
نتمنى أيها الإخوة الأعزاء بأن تستمتعوا بالموسيقى لتتحد نفوسكم مع نغماتها وترتقي في إنسجام مع النور .