في العصور القديمة لم يكن الأنانية " حب الذات " عند الإنسان بمقدار كبير وتبين هذا في عيشه بإنسجام مع الطبيعة المحيطة به مع مرور الزمان ومع تطور الأنانية عند الإنسان , أحس في الرغبة في تطويع البيئة لنفسه بمعنى السيطرة على قوة الطبيعة لإشباع غروره في الحصول على القوة والنفوذ وقد تجسدت هذه الرغبة في بناء برج بابل . أراد الإنسان بغرور انه يصل إلى إدراك وفهم إبداع الخليقة ولكن ليس عن طريق تصحيح أنانيته بل عن طريق الهيمنة على العالم المحيط به وبذلك وضع ذاته " الأنا " في تضاد مع المجتمع والبيئة . وفي النتيجة الأنانية المتزايدة فصلت الإنسان عن الطبيعة فلم يعد يفهم قوانين الطبيعة التي يعيش فيها وأضاع قدرته في الترابط مع أفراد جنسه . وبدل الحب ظهر الكره والنفور والتشرذم , وإقسم الشعب الواحد إلى امم متعددة كما أشار الكتاب قائلا : وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغةً واحدة. وحدث في ارتحالهم شرقاً أنهم وجدوا بقعة في أرض شنعار، وسكنوا هناك . وقال بعضهم لبعض: هلم نصنع لبناً ونشويه شياً. فكان لهم اللبن مكان الحجر، وكان لهم الحُمَر مكان الطين . وقالوا هلم نبنِ لأنفسنا مدينة وبرجاً رأسه بالسماء. ونصنع لأنفسنا اسماً لئلا نتبدد على وجه كل الأرض وصف المؤرخ "يوسفوس فلافيوس" في كتابه ( العصور القديمة ) وكتب : " دعا نمرود شعبه إلى عصيان الخالق , ونصح ببناء برج أعلى من أن يستطيع الماء الصعود إليه , فإذا بعث الخالق من جديد طوفانا , فإننا بذلك نكون قد انتقمنا من الخالق لمقتل أجدادنا . وافق الجمع على ذلك , وظنوا أن الطاعة للخالق رق مخجل , وبرغبة كبيرة هموا ببناء البرج . تبصر الخالق بعباده الذين لم يتعظوا بالطوفان " إقراء قصة سيدنا نوح عليه السلام ", وجعلهم أصحاب لغات مختلفة , حيث لم يعودوا يفهمون بعضهم بعضا وتفرقوا . المكان الذي بنوا فيه البرج سمي ( بابل ) , بسبب أن الرب بلبل لسانهم منذ ذلك الحين يقف الإنسان في حالة مواجهة وتضاد مع الطبيعة , آخذاً بتطوير العلوم والتكنولوجيا في المحاولة في السيطرة عليها وإشباع رغبته الأنانية.