موضوع علم الكابالا
في البداية, قرأ عالم الكابالا الشهير أليعازر قائلا ً: " إرفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا من خلق هذه كلها إرفعوا عيونكم إلى أي مكان ؟ إلى فوق , إلى الذي يعتمد عليه كل بشر. من هو ؟ هو مانح الحياة ومُفتح الأبصار ". لقد خُلق الإنسان أنانيا ً بشكل مُطلق, فليس بإمكانه أن يتبنى رغباتٌ مختلفة ٌعن التي ولدَ فيها من أناس آخرين أو من عالمه المحيط به - لأنَّ محيطه مشابه له تماما ً - وبما أن ليس له أي إرتباط أو صلة بالعالم الروحي حيث أن إرتباطه الروحي ممكن فقط إذا كانت هذه الرغبات عاملا ً مشتركا ً بينه وبين الخالق.
فإذا ً من الممكن الحصول على الصفات الروحية فقط من خلال الرغبات الغيريةأي حُب الغير. وبما أن الشخص في هذا العالم ليس لديه مجال المعرفة ليتجاوز من خلالها الحدود المادية لهذا العالم بنفسه لهذا السبب وجدَ علم الكابالا ليساعد الإنسان أن يكتسب رغبات العالم الروحي.
من أجل خلقْ الإنسان منفصلا ً عنه, ولكي يدرك عدم أهميته من دون الخالق وبكل حرية يختار الرغبة في الإرتقاء نحو العالم الروحي, خلق الخالق كل الخليقة كدرجات نازلة نحو الأسفل من فوق من عنده . ينزل نور الخالق في نطاق هذه الدرجات وفي أسفل هذه الدرجات خُلقَ عالمنا وخُلقَ الإنسان . فعند إدراك الإنسان بضئالته وعدم أهميته وأيضا ً برغبته في التقرب من الخالق, عندها ( أي إلى حد رغبة الإنسان في التقرّب من الخالق) يستطيع الإقتراب مستخدما ً نفس الدرجات التي إنحدر منها من البداية .
بشكل كليّ يوجد هناك عشر درجات وتُدعى " العشر سفيروت " وهي كالتالي :
كيتير- حوخما - بينا - حيسيّد - ڨيفورا - تيفيرّت - نيتساح - هود - ياسّوود - ملخوت
كحجاب أو ستار هذه الدرجات العشر تحجب عنا الخالق ونوره . هذه الستائر العشر تمثل العشر درجات أي مسافة بُعدنا عن الخالق. بالرغم من إحصاءنا لعشر درجات ففي الحقيقة هناك خمس درجات, وهذا لأنَّ الدرجات السِّت التالية : " حيسيّد - ڨيفورا - تيفيرّت - نيتساح - هود - ياسّوود " كلها مجموعة فيسفيرا (مفرد لسفيروت) واحدة أو درجة واحدة وتدعى زعيرآنبين .
يُشار إلى درجة زعيرآنبين بالإسم تيفيرت لأن هذه السفيرا تُظهر السمات والصفات المشتركة لجميع السفيروت السة مُجتمعة ً معا ً.
المخطط رقم ١
إذا ً للإقتراب من الخالق درجة واحدة نبداء بالدرجة الأخيرة أو السفلى من فوق ( ناظرين من الأعلى ) أي فوق عالمنا مُباشرة ً, يتوجب علينا تبنّي السمات التي تتصف بها هذه الدرجة ( أي صفات النور على هذا المستوى ). المقصود بإكتساب صفات متماثلة ومتطابقة أي أن يكون لدينا نفس الرغبات التي للنور على هذا المستوى . ففي حال التوافق في الرغبات فللوقت يختفي الستار أو الحجاب الذي كان يفصلنا عن الخالق من قبل ويتركز وجودنا في إطار هذا المستوى أو هذه الدرجة وعندها يكون هناك تِسعُ درجات تفصلنا عن الخالق بدلا ً من العشرة . وهكذا الأمر .
فعلم الكابالا يدرسُ ويبحثُ في كَيفية تعاقب هذه الجذور وإِنحدار هذه القوات من الأعالي, قواتٌ كاملة ٌ ومثاليَّة ٌ وأَبديَّة ٌ , أي الخالق نَفسهُ, وكيف تتحولُ هذه القوّات نسبيّا ً لنا خلال إنحدارها إلى عالمنا هذا . القانون الذي به يأخذ هذا الحدث مجراه هو قانونٌ مُطلقٌ ليس قابلا ً للتغير تماما ً كما أنَّ قوانين الطبيعة التي في عالمنا هذا أيضا ً غيرَ قابلة ً للتغير. صحيحٌ أنَّ بإمكاننا إستخدام هذه القوانين بطُرُق ٍ مُختلفةٍ ولكن القوانينُ نفسها لا تتغير . تَنحَدرُ هذه القوّاتُ إلينا هنا في عالمنا هذا من الأعلى وتؤثر على الإنسان وفقا ً للقوانين الصارمة والمطلقة من أجل الإرتقاء بهذا الإنسان أو ( بنفس المعنى ولكن من منظورٍ آخر) إظهار الخالق نفسه لهذا الإنسان بشكل ٍ تدريجي خلال وجوده هنا في هذا العالم .
يتضّمنُ عِلم الكابالا كل شيءٍ خُلق من الفكر الذي نَشأ من الخالق. يدرس هذا العلم ويبحث في كيفية إرتداء هذا الفكر بتلك القوّات وكيف هذه القوّات بدورها أنشأت مسألة والتي هي المشيئة أو الرغبة بالتمتع والتنعم, وكيف إنبثقَ الإنسانُ من هذه المشيئة . كما ويبحث هذا العلم أيضا في كَيفّة سماح هذه القوّات للإنسان بأنْ يَصل وبشكل ٍ تدريجي إلى الهدف الأعلى والأسمى وهو الوحدوية مع الخالق في نفس الوقت وعلى الرغم ِ مِنْ تواجُدنا في عالمِنا هذا الذي يُعتبر الدرجة الأدنى من الوجود ككل . تدرسُ الكابالا كل هذه المراحل مع كيفية حدوثها . كما وتتضمّن كل شيءٍ بأكمله ومن دون إخفاء أيِّ شيءٍ في علم الكون . كل الأفكار وأنواع السلوك مع كل أنواع الشعور والأحاسيس في كل العوالم وطبعا ً هذا يشمل عالمنا أيضا ً, كل هذه الأمور هي موضوع بحوث علم الكابالا .
القانون العام والقانون الخاص
القانون العام يعني أنَّه في نهاية مراحل النمو الروحي الكامل , الإنسانية بأجمعها ستُظهر وستبلغ مرامها بشكل محتوم بإحرازها العالم الأعلى حيث القوة الإلهية الحاكمة . أما القانون الخاص فيعني بأنّه يوجد هناك وفي كل جيل ٍمن الأجيال ِ أفرادٌ يستطعون إحراز العالم الأعلى بمفردهم حتى قبل بلوغ الإنسانيّة بأجمعها ( كل النفوس البشرية ) إلى درجة الكمال . الغاية أو الهدف الرئيسي للقوة المُنبثقة من الخالق نفسه هو كالآتي: السبب الوحيد والمُتعذر إجتنابه هو أنَّ الخليقة بأكملها وُجدت لتُحقّق هدفها في إحراز التوازن مع الخالق والإتحاد معه, ولإحراز الفهم والإدراك التام لعظمته والتوازن مع صفاته بحسب القوانين المحدّدة للنمو الروحي . هذا هو القانون العام للكون .
ليس هناك أي قوة أو حدثٌ أو حتى فكرٌ ينشأ من الخالق يأخذُ مجراه في العالم خارج إطار أو حدود هذا القانون . كل ما يحدث في الكون خاضعٌ لمبدأ أو للمفهوم العام لهذا القانون . كلمة " عام " تعني " شاملا ً لكل شيء وبدون إستثناء ". وهذه الثلاث: _ الفكر , القوة , الحَدث _ تشملُ في مضمونها مبادئ بنية الكون بأكمله . فمهما كنا مُقتنعين بأنّه من الصعبِ ومن غير الممكن أنه يوجد أي شيء ذو نقص أو خلل والذي ليس هو جزء من هذا الفكر أو حتى مُضاد له - فهذا من المُستحيل . فإنّ كل ما يحدث في الرغبة أو في الفكر أو في السلوك هو جزءٌ مباشر من القانون العام والذي بدوره هو الحاجة الضروريّة لتتمكّن الخليقة من الوصول إلى منزلتها الرفيعة في العالم الأعلى. ولكنه واضح ٌ من وجهة نظرنا المحدودة في إطار حواسنا أنّه يصعب علينا فهم وإدراك كل الذي يحدث حولنا, ولكن القانون هو القانون ويبقى هكذا محددا ً وبإحكام من دون زيادة ولا نقصان .
يؤكد القانون العام بحتميته أنَّ الإنسانية بأكملها ستصل إلى مرحلة بلوغ ِ هدفها . بالإضافة إلى هذا يُشير القانون الخاص بأنَّ في كل جيل من الأجيال يوجد هناك أناسٌ بإستطاعتهم الوصول إلى هذا الهدف بعينه وقبل الخليقة بأجمعها . لكن وفي ضوء ما قيل لا بدّ أنْ يتساءلَ المرء قائلا ً :
" إذا كنا نخطو في هذا الإتجاه على أيّةِ حال فلماذا إذاً يجب علينا أيضا ً أنْ نسأل من الخالق ليُهدينا في نفس هذا الإتجاه, ولماذا يتوجّب علينا بذل أيّ جهد ؟ أليس بإمكاننا الجلوس تحت السماء مراقبين النجوم في ليلة مُقمرة أو حتى في بيوتنا الحديثة أمام جهاز التلفاز أو حتى نجلس من دون عمل أيّ شيءٍ وننتظر هذه القوانين لتؤثر علينا وتغير مجرى حياتنا ؟ "
في الواقع أنّ مدى تأثير هذه القوانين علينا (وجذبنا تجاه الهدف ) يعتمد على درجة تعاوننا معها وتلائمنا وتوافقنا مع توجيهاتها وهدفها وطريقة فعاليتها أو أسلوبها . الإنسان مكوَّنٌ من فكر وإرادة وفعل, ومن المتوجب عليه بأن يجعل فكره وإرادته وسلوكه معا ً تتلائم وتتشابه في الصفات مع تلك التي للخالق أي وبمعنى آخر إنعكاس فكر الخالق على سلوك الإنسان , لأن القانون الذي يُقرب الإنسان من الهدف يؤثر عليه فقط في حدود درجة توافقه مع صفات وسمات الخالق .
إذا كان الإنسان نفسه لا يطمح أو يتوق نحو الهدف الذي عيّنه له الخالق بل إختار أنْ يقف ثابتا ً في مكانه رافضاً أن يخطو إلى الأمام , إختياره هذا سيؤدّي به إلى إزديادة إمتصاصه لللإنطباعات السلبية التي في بيئته حتى يصل إلى نقطة حيث يعيّ وبوضوح بأنَّ وقوفه في نفس المكان لا جدوة فيه ولن يعود عليه بأي نفع ٍ عندها يفهم بأنه من اللازم بأنْ يتحرّك ويسير نحو الهدف .
من ناحية أُخرى, تراكم الإنطباعات السلبية وقدرتنا على فهم هذه السلبيات يُشار إليه بمفهوم " إدراك الإنسان بشرّ نفسه" . ولكن هذا المفهوم بعينه لا يُحرضُنا على التقدّم بتاتا ً. فالإنسان يصل إلى مرحلة الإدراك بشرّ نفسه عندما تراوده أسئلة مثل : " لماذا أنا واقف في نفس المكان وليس لدي الرعبة في التقدّم ؟ ما هي طبيعة البشرية ؟ ولماذا تقاوم وبشدّة التقرّب من الخالق , ومحبّة الأخرين والعطاء بسخاء بدون منفعة ؟ من المحتمل أن يقودنا تفكيرنا بكل هذه الأُمور على أننا أحرزنا تقدماً ملحوظا ً ولكن هذا ليس بصحيح . فهي ليست إلا تراكمات الإمكانيات والطاقة السلبية الكامنة في داخلنا والتي تتزايد في التراكم إلى أن تصل بنا إلى درجة كبيرة من الضغوط كافية لأن توقظ في داخلنا رغبة حقيقية والتي بدورها تحثّنا على أخذ خطوة مهما كانت صغيرة إلى الأمام تجاه الخالق .
حالما وفي اللحظة التي يأخذ هذا الحدث مجراه , القوة التي تجذبنا ورائها ( أي النور الذي من الخالق, هذا النور الذي يعود الى المصدر ) تؤثر علينا قي الحال وهكذا تتوفّر لنا الفرصة بالتقرّب من الخالق ولو بخطوة صغيرة جدا ً تقاس بالميليمترات .هذا هو السبب أنَّ الإنسانية وبالرغم من أنها سارت في طريق ٍ مُفعم ٍ بالآلام والعذاب على مدى آلاف السنين من تاريخها, لم تبرح من مكانها ولم تخطو ولو خطوة واحدة نحو الخالق. بل أدركت بشكل جزئي ( أي أصبحت متفهمة ) لشرّها, ولكن إدراكها لشرّها ليس إلا مجرد إدراكا ً جزئيا ً.
فإذا ً إدراكها هذا ما يزال بلا هدف , وبعيدا ً ومنفصلا ًعن المصدر . ولكن حالما تحصل البشرية على قدرة الإدراك الكاملة والصادقة عندها تتيقّظ فيها رغبة ٌ حقيقية ٌ للوصول إلى الهدف الموضوع أمامها, وعندها فقط تستطيع أن تعلو وترتقي من مكانها إلى المرحلة التالية . أي أنها تعلو من المرحلة المتواجدة فيها الآن , والتي هي أدنى درجات الوجود الذي هو " عالمنا ", إلى بداية العالم الأعلى . يُمثل عالمنا الدنيوي الذي نعيش فيه الدرجة الأدنى من الوجود ككل وهو بحد ذاته غير منقسم إلى درجات. ما معنى عبارة " بداية العالم الأعلى أو الأسمى " ؟ معناها هي بداية تشابهنا مع صفات وسمات الخالق وبداية بزوغ أو نشوء رغبة مشابهة بالتي للخالق.
القانون الخاص
يعني أن بإستطاعة شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد " بدلا ً من البشرية بأكملها " إكمال عملية الإنتقال من هذا العالم إلى العالم الأسمى. يؤكد القانون العام بشكل حازم بأنه في النهاية البشرية بأكملها ستبلغ الهدف نفسه بشكل محتوم . مما سبق ذكره نكتشف مدى تفاعل القانون العام مع القانون الخاص ونفهم كيفية العلاقة التبادلية والمشتركة وكيف كل منها يسند ويدعم الآخر أو بالأحرى كيف يستحث ويساعد كل منهما الآخر .
والآن لا بدّ وأن نتساءل عن مدى تأثير القانون الخاص عليَّنا كأفراد في مجتمع البشرية, هل تساعدني البشرية في بلوغ الهدف أم أنا أُساعدها ؟ في إطار القانون الخاص هل بإستطاعتنا أن نتعاون سويا ً في ضمن المجموعة لنصل إلى الهدف ؟ هل في هذا التعاون فائدة للبشرية بأسرها أم يتوجّب على كل شخص ٍ بمفرده أن يعمل للوصول إلى الهدف ؟ كنتيجة نهائية توجد هناك قواتٌ فردية تؤثر على كل شخص ٍ بمفرده كما وأنه يوجد قواتٌ عامة تؤثر على البشرية ككل, معا ًهذه القوات تعمل لتساعد الإنسانية لتُحرز تقدما ً إلى الأمام .
تضامنا ً مع ما قيل وتوافقا ً مع طبيعة بنية النفوس البشرية, والتي بدورها تُشكل الطبيعة البشرية, يتوجّب علينا أن لا ننسى ولا نتغافل عن الواقع بأنَّ بنية الإنسانية شبيهة بالهرم, تسعون بالمئة من النفوس ( والتي تؤلف قاعدة وجسد هذا الهرم ) تُشكل كَّلا ً كاملا ً من فئات الرغبة الضعيفة.
المخطط رقم ٢
الأشخاص الذين ينتمون إلى هذا الجزء من الهرم لا يدركون بوضوح ٍ كاف ٍ بحتمية قضائهم وقدرهم بأنفسهم , فإنهم يستطعون إنجاز مهمتهم وتحقيق هدفهم بإرتقائهم إلى العالم الأسمى فقط عن طريق تعاون متبادل ومشترك في الجهود المتبادلة بين الإنسان وأخيه الإنسان. مجموعة صغيرة فقط من البشر ( نسبة قليلة جداّ من الإنسانية كلها ) تسعى نحو الهدف بوعي وإدراك واضح لمفاهيم هذه القوانين بينما البقية يصلون إلى الهدف نفسه بكونهم فقط مرفقين مع هذه المجموعة القليلة.
بالتأكيد أنَّ هذا بعينه لا يقلّل من شأن نفس هذا الفرد الذي ينتمي إلى الأغلبية. فهو قد خُلق بهذه البنية منذ البداية. إذا وصل الإنسان إلى معرفة نفسه وإدراك ذاته وكيف خُلِقَ وما هو هدفه بكل تأكيد, عندها يدخل حالة أو مرحلة اللانهائية أو الأبدية, والكمالية المطلقة والمقصود بهذا هو التحرّر من الإثم في هذه الدنيا والإرتقاء إلى مرتبة الكمال بنفس الطريقة التي يتبعها كافة البشر . ففي النهاية لن يوجد هناك أي فرق بين النفوس البشرية حينما يكتمل بناء الإنسانية عندما تصل إلى هدفها المقدر لها.
السؤال الذي يجلب إنتباهنا هنا هو: " إذا كانت كل الإنسانية قد خُلقت في نفس الوقت, حتى ولو كان كل شخص حاليا ً يملك مستواه الخاص من الرغبة, فيتوجّب على الإنسانية بأجمعها أن تطمح وبشكل تناسبي نحو الهدف كلُ إنسان ٍ حسب مستوى رغبته . " درجات الرغبة هي: صفر, واحد,إثنان, ثلاث, وأربعة, وأسمائها كالتالي : " الجماد , النبات , الحيوان , المتكلّم , والروحي " . لماذا أذا ً لا يأخذ هذا الحدث مجراه على هذا النمط , وحتى ولو بأسلوب متناقض مع هذا المبداء فماذا إذا ً ؟
إذا أمعنا النظر في التاريخ نلاحظ بأن الطموح للهدف ينبثق ظاهرا ً للعيان من خلال بعض الأفراد فقط كالفلاسفة والعلماء والقادة الدينين وبعض الأفراد العادين والبسطاء الذين يتوقون ويطمحون في البحث عن معنى الحياة بينما البقية الباقية من الناس لا يبدون أي إهتمام في أيجاد المعنى والهدف لوجودهم في هذا العالم . إذا نظرنا إلى الإنسانية من وجهة نظر محايدة وغير متحايزة ( عوضا ً عن منظور علم الكابالا ), كم من الناس من حولنا نجدهم يتسألون عن معنى الحياة ؟ ليس الكثيرين . فالأغلبية من الناس يختزلون هذا السؤال مخضعينه إلى أفكارهم ومفاهيمهم الشخصية البسيطة, أي إنهم يستخدمون العالم المادي لقياس مفهوم معنى الحياة لديهم . على سبيل المثال: إنهم يعتقدون بأن ليس هناك سعادة في الحياة من دون المال, أو ليس هناك سعادة من دون سلطة ونفوذ شخصي, أو من دون إكرام وسمعة حسنة ..... والخ
بعض الأفراد فقط يطمحون إلى ما هو أسمى من العالم المادي في هذه الحياة. ولماذا هذا الطموح ينبثق فيهم؟ لماذا هذا القانون, علاوة ً على تأثيره على الإنسانية بأجمعها بشكل مباشر, أنه أيضا ً يؤثر على بعض الأشخاص بمفردهم ؟ لماذا ينقسم هذا القانون إلى قانون عام وقانون خاص ؟ أليس من الممكن أن يكون هذا القانون واحدا ً وعاما ً للجميع, فإذا ً ما هي ضرورة تخصيص بعض الأفراد من دون الجماعة ؟ هل يُعقل بأن هذا يشير إلى نقص أو خلل في هذا القانون ؟
ففي النتيجة أليست الإنسانية كائنٌ حيٌ أحادي ؟
في حقيقة الواقع إن إصلاح الإنسانية يعتمد على رغبتها في بلوغ وتحقيق هدفها. من أجل تطعيم رغباتنا الأنانية برغبات مخالفة لها ولمصالحنا الذاتية ( برغبات لمحبّة الغير والتي هي مُخالفة للطبيعية البشرية ), ينجزُ الخالق وبحرص إصلاحا ً وتقدما ً روحيا ً في نفوس بعض الأشخاص المعينين وفيما بعد يعمل لإصلاح الجميع من خلال مساعدتهم.